كتب جوش براينر أن رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) دافيد زيني حذّر، خلال نقاشات مغلقة مع مسؤولين أمنيين وقانونيين كبار، من تحوّل تهريب السلاح إلى داخل إسرائيل عبر الطائرات المسيّرة القادمة من مصر والأردن إلى تهديد استراتيجي واسع النطاق، في ظل تصاعد غير مسبوق في عدد هذه العمليات خلال العام الماضي.

 أشار التقرير، بحسب صحيفة هآرتس العبرية، إلى أن هذه التحذيرات تأتي في سياق قلق متزايد داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من عجز الأجهزة المختلفة عن احتواء الظاهرة، مع توثيق عشرات الآلاف من اختراقات الطائرات المسيّرة للأجواء الإسرائيلية خلال عام واحد فقط، ما يعكس خللًا بنيويًا في منظومة الرقابة الحدودية وتوزيع المسؤوليات بين الجيش والشرطة.

عشرات الآلاف من الاختراقات وسلاح بلا عوائق

وصف زيني، وفق ما نقله براينر، عمليات التهريب بأنها «كارثة مستمرة»، مؤكدًا أنها لم تعد مجرد نشاط إجرامي محدود، بل تطورت إلى خطر استراتيجي يهدد الأمن القومي الإسرائيلي. وجاءت هذه التصريحات خلال اجتماعات خاصة عُقدت بمبادرة من المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف-ميارا، وشارك فيها ممثلون عن الشاباك، والشرطة، والجيش، إلى جانب مستشارين قانونيين.

قدّم المشاركون في الاجتماعات معطيات صادمة، أظهرت تسجيل عشرات الآلاف من حالات اختراق الطائرات المسيّرة للحدود الإسرائيلية خلال عام واحد، مع استخدام هذه الطائرات في نقل آلاف قطع السلاح، من بينها بنادق، ومسدسات، ومواد متفجرة، إضافة إلى مخدرات وممنوعات أخرى. وأوضحت البيانات أن بعض هذه الطائرات يمتلك قدرة على حمل عشرات الكيلوغرامات، وفي حالات معينة تتجاوز حمولتها مئة كيلوغرام، ما يوسّع من خطورة التهديد.

أقرّ مسؤول أمني رفيع، خلال أحد النقاشات، بأن الأجهزة الإسرائيلية تأخرت أربع إلى خمس سنوات في التعامل الجدي مع هذه الظاهرة. وأشار إلى أن الشرطة الإسرائيلية ألقت سابقًا بالمسؤولية على الجيش، غير أن التطورات الأخيرة دفعت إلى إعادة توزيع الأدوار، بعد اتضاح حجم الاختراقات وسهولة تمرير السلاح.

صراع الصلاحيات بين الجيش والشرطة

كشفت المعلومات التي حصلت عليها الصحيفة أن قرارًا اتُّخذ في الأسابيع الأخيرة بنقل جزء من مسؤولية رصد الطائرات المسيّرة من الجيش إلى الشرطة. وجاء هذا التحول بعد شكاوى من المؤسسة العسكرية تفيد بأن تصاعد العمليات في غزة وعلى الجبهة الشمالية استنزف قدراتها، وقلّص إمكانيتها لمواجهة تهديد الطائرات المسيّرة على الحدود الجنوبية والشرقية.

وقال مسؤول كبير في الشرطة إن الجيش أدرك هشاشة الحدود وقدرتها المحدودة على منع اختراق الطائرات، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن القضية ظلت لفترة طويلة بلا جهة واضحة تتحمل المسؤولية. وأضاف أن هذا الفراغ سمح بدخول السلاح إلى إسرائيل «بحرية شبه كاملة»، بينما كانت الأجهزة المختلفة تتبادل الاتهامات بدل بناء آلية مشتركة للرصد والرد.

بدأت شعبة العمليات في الشرطة، وفق التقرير، إعداد خطط موسعة لتولي جزء من هذه المهمة، في ظل إدراك متزايد بأن الظاهرة تتفاقم يومًا بعد يوم. وأظهرت معطيات نوقشت داخل الشرطة أن «عشرات الطائرات» تعبر الحدود في بعض الأيام من دون اعتراض أو كشف، ما يثير تساؤلات جدية حول فعالية أنظمة المراقبة الحالية.

صعوبة القبض على المشغّلين وتوسّع التهديد

عرض الجيش الإسرائيلي في الآونة الأخيرة عدة وقائع توضح حجم المشكلة، من بينها ضبط طائرة مسيّرة كانت تنقل أربعين مسدسًا عبر الحدود الأردنية. ورغم مصادرة السلاح، فشل الجنود في اعتقال مشغّلي الطائرة، الذين يعملون عادة ضمن شبكات منسّقة على جانبي الحدود، ويستفيدون من صعوبة تحديد نقطة الإطلاق.

وأقرّ مسؤول أمني كبير بأن تعقّب مشغّلي الطائرات يكاد يكون مستحيلًا في الظروف الحالية، مؤكدًا أن التحدي الأساسي لا يقتصر على إسقاط الطائرات، بل يبدأ أصلًا من رصدها في الوقت المناسب. ووصف بعض المشاركين في النقاشات حجم المضبوطات بأنها «قطرة في بحر» مقارنة بما ينجح في العبور.

في خطوة استثنائية، وقّع وزير الدفاع يسرائيل كاتس أمر اعتقال إداري بحق أحد سكان قرية بير هداج البدوية في النقب، للاشتباه في قيادته شبكة تهريب سلاح تعتمد على الطائرات المسيّرة على الحدود الجنوبية. واستند القرار إلى معلومات استخبارية قدّمها الشاباك، أشارت إلى تورطه في تهريب أسلحة «غير اعتيادية» تشكل خطرًا مباشرًا على أمن الدولة.

رغم ذلك، يرى مسؤولون أن الإجراءات الفردية لا ترقى إلى مستوى التهديد القائم، في ظل اتساع الظاهرة وتحولها إلى مسار تهريب منتظم. واختتم الشاباك تعليقه على التقرير بالتأكيد أنه لا يعلّق على نقاشات جرت خلف أبواب مغلقة، في إشارة إلى حساسية الملف وخطورته المتزايدة على المستويين الأمني والجنائي.

https://www.haaretz.com/israel-news/2025-12-25/ty-article/.premium/shin-bet-chie-drone-weapons-smuggling-from-egypt-jordan-is-strategic-threat-to-israel/0000019b-5499-d866-abff-7ef9fb370000?htm_source=site&htm_medium=link&htm_campaign=post-login&htm_content=homepage